لطالما كانت إستراتيجية "الشراء والاحتفاظ" (Buy and Hold) واحدة من أبرز الاستراتيجيات المستخدمة في الأسواق المالية، وخاصةً في مجال العملات الرقمية. تُعتبر هذه الإستراتيجية من الطرق المثالية للمستثمرين المبتدئين والذين يبحثون عن وسيلة للاستثمار بفعالية دون الحاجة لمتابعة تقلبات السوق اليومية. الفكرة الأساسية خلف الشراء والاحتفاظ بسيطة للغاية: شراء عملات رقمية محددة ذات إمكانات مستقبلية قوية، والاحتفاظ بها لفترة طويلة، والاستفادة من ارتفاع أسعارها بمرور الوقت.
لماذا تُعد إستراتيجية الشراء والاحتفاظ جذابة؟
بالرغم من تقلبات السوق، إلا أن الأسواق الصاعدة المعروفة بـ "سوق الثور" توفر فرصاً هائلة للمستثمرين الذين يمتلكون رؤية طويلة المدى. على سبيل المثال، كان المستثمرون في عملة البيتكوين أو الإيثيريوم الذين تبنوا هذه الإستراتيجية في السنوات الماضية قد شهدوا نمواً كبيراً في استثماراتهم على المدى الطويل. بينما تتسم الأسواق الرقمية بتقلبات عالية، فإن التقلبات السريعة قد تجلب فرصة لتحقيق عوائد ضخمة، بشرط التحلي بالصبر وعدم الذعر خلال الهبوط المفاجئ.
كيف تبدأ: خطة الشراء والاحتفاظ
1. التخطيط والاستثمار الدوري:
يوصى بتخصيص مبلغ محدد للاستثمار شهرياً، مثل 100 دولار شهرياً، بحيث يتم شراء العملات الرقمية بشكل دوري. يُطلق على هذه العملية اسم "استثمار التكلفة المتوسطة" (Dollar-Cost Averaging)، حيث يساعد الاستثمار المنتظم على تقليل تأثير تقلبات السوق.
2. تحديد العملات ذات الإمكانات الواعدة:
يُفضل اختيار العملات الرائدة مثل البيتكوين (BTC) والإيثيريوم (ETH)، إلى جانب بعض العملات التي تُظهر إمكانات قوية في مجالات مبتكرة كتمويل اللامركزي (DeFi) أو الذكاء الاصطناعي (مثل عملات FET وAGIX).
3. تحليل السوق وتتبع الاتجاهات:
على الرغم من أن الاستراتيجية تتطلب الحد الأدنى من التفاعل اليومي مع السوق، يُفضل مراجعة تطورات العملة من حينٍ لآخر، ومتابعة الأخبار التقنية والاقتصادية حولها.
4. تحديد أفق زمني طويل:
يُنصح بتحديد فترة زمنية طويلة، تتراوح بين 3 إلى 5 سنوات، مع إتاحة خيار التمديد حسب وضع السوق. وفي حالة وصول السوق إلى مستويات مرتفعة بشكل ملحوظ (زخم صاعد قوي)، يمكن أن يتم بيع جزء من المحفظة لتحقيق بعض الأرباح قبل الهبوط المحتمل.
تقسيم المحفظة: إستراتيجية التنويع المتوازن
يتفق العديد من الخبراء على أهمية تنويع المحفظة لتقليل المخاطر المرتبطة بكل عملة. ووفقاً لهذه الإستراتيجية، يمكن تقسيم المحفظة إلى ثلاثة أقسام رئيسية:
1. 50% عملات رئيسية:
يُفضل أن يُخصص نصف المحفظة لعملات رقمية رائدة مثل البيتكوين والإيثيريوم، نظرًا لاستقرارها النسبي وقوتها في السوق.
2. 30% عملات واعدة:
يُنصح بتخصيص 30% من المحفظة لعملات جديدة وواعدة ذات إمكانيات قوية، مثل مشاريع التمويل اللامركزي (DeFi) والعملات المرتبطة بتقنيات الذكاء الاصطناعي (AI).
3. 20% عملات صغيرة أو "الميم":
يُمكن تخصيص نسبة صغيرة للعملات الصغيرة التي قد تكون عالية المخاطرة ولكنها قد تحقق مكاسب عالية. يتم توزيع هذه النسبة على 3-5 عملات بشكل متساوٍ.
إعادة التوازن للمحفظة
من وقت لآخر، يُفضل إعادة تقييم المحفظة لتحقيق توازنها واستقرارها. مثلاً، يمكن تخصيص نسبة من الأرباح (10%) لتعزيز العملات الصغيرة، ما يتيح لك الاستفادة من إمكانيات النمو الكبيرة لهذه العملات مع تقليل المخاطر. كما يمكن تعديل المحفظة بناءً على الأداء الفعلي لكل عملة، بحيث تزيد الاستثمارات في العملات التي تثبت كفاءتها وتقليلها في العملات الأقل فعالية.
الشراء والاحتفاظ كخيار للمبتدئين
إستراتيجية الشراء والاحتفاظ ليست فقط خيارًا بسيطًا، بل هي أيضًا خيار ذكي للمستثمرين المبتدئين الذين يرغبون في تجنب القلق بشأن تقلبات السوق اليومية. التركيز على رؤية طويلة المدى، والتنويع المناسب، وإعادة التوازن الدوري للمحفظة كلها عناصر تساهم في زيادة فرص النجاح وتقليل المخاطر في سوق العملات الرقمية.