شهد سوق العملات الرقمية تصحيحًا حادًا خلال الأيام الأخيرة، حيث بلغت قيمة التصفية أكثر من مليار دولار خلال يوم واحد فقط، وذلك وفقًا للبيانات الواردة يوم الخميس. مع تصاعد التأثير على العملات البديلة بشكل خاص، تبرز التساؤلات حول العوامل التي دفعت إلى هذا التراجع الحاد.
تصحيح كبير في السوق: الأرقام تتحدث .. مليار دولار
بدأ التصحيح يوم الأربعاء الماضي عندما انخفض سعر البيتكوين (BTC) من قمته التاريخية التي تجاوزت 108,000 دولار إلى 96,800 دولار. ورغم أن هذه الانخفاضات تبدو كبيرة نسبيًا، إلا أنها ليست غير مألوفة في سوق اعتاد على تقلبات شديدة.
تشير بيانات منصات التداول إلى تصفية واسعة النطاق، بلغت قيمتها أكثر من 1.01 مليار دولار خلال يوم الجمعة وحده. اللافت للنظر أن 844.36 مليون دولار جاءت من تصفية صفقات شراء، مقارنة بـ 166.59 مليون دولار من صفقات البيع، ما يشير إلى أن التصحيح أثر بشدة على المستثمرين المتفائلين.
العملات البديلة تتحمل العبء الأكبر
بينما قادت البيتكوين هذا التراجع، فإن العملات البديلة شهدت نصيبها الكبير من الخسائر. وفقًا لبيانات CoinGecko، انخفض إجمالي رسملة سوق العملات الرقمية بنسبة 6.4% خلال الـ24 ساعة الماضية، ليصل إلى 3.5 تريليون دولار.
الإيثيريوم (ETH): سجلت انخفاضًا بنسبة 7.7% منذ يوم الخميس، متراجعة من 4,100 دولار إلى أقل من 3,400 دولار خلال أربعة أيام فقط.
سولانا (SOL): انخفضت بنسبة 7.4%.
كاردانو (ADA): تراجعت بنسبة 9%.
دوجكوين (DOGE): شهدت أكبر انخفاض بنسبة 11.8%.
أسباب محتملة وراء التصحيح وتصفية مليار دولار
يمكن النظر إلى هذا التصحيح من زوايا متعددة. في البداية، تجاوز البيتكوين حاجز 100,000 دولار لأول مرة دفع السوق إلى موجة جني أرباح مؤقتة. بينما تاريخيًا، تشهد البيتكوين تصحيحات قصيرة الأجل بعد تسجيل قمم جديدة.
من جهة أخرى، أشار رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي إلى إمكانية استمرار رفع أسعار الفائدة، مما أدى إلى تراجع شهية المستثمرين للأصول عالية المخاطر. بينما في السلفادور، أثيرت تساؤلات حول التزام الحكومة بسياسات صديقة للعملات الرقمية بسبب طلب صندوق النقد الدولي تعديل التشريعات.
أيضا، شهدت صناديق البيتكوين المتداولة في البورصة (ETFs) يومًا تاريخيًا من السحوبات، بلغ إجمالي التدفقات الخارجة حوالي 672 مليون دولار. ويعكس هذا الانسحاب الحذر المؤسسي تجاه العملات الرقمية وسط حالة عدم اليقين الاقتصادي العالمي.
البيتكوين تُظهر مرونة نسبية، لكن هل يمكن أن تكون هناك عمليات تصحيح أكبر؟
رغم الانخفاضات، استمرت البيتكوين في إظهار مرونة نسبية مقارنة بالعملات البديلة. ارتفعت هيمنتها على السوق إلى 52.25%، مما يشير إلى استمرار إقبال المستثمرين على البيتكوين كأصل رقمي رئيسي.
تشير تحليلات السوق إلى أن حالة الذعر التي شهدتها الأيام الأخيرة قد تكون مرتبطة أيضًا بنمط تصحيح تقليدي في سوق العملات الرقمية. ومع ذلك، لا يمكن استبعاد احتمال وجود موجة تصحيح أكبر في حال استمرت البيئة الاقتصادية العالمية في الضغط على شهية المستثمرين.
يعكس هذا التصحيح الأخير الطبيعة المتقلبة لسوق العملات الرقمية، خاصةً مع ازدياد الضغوط الاقتصادية والتنظيمية العالمية. ومع تجاوز خسائر السوق حاجز المليار دولار، يبقى التحدي الأكبر هو استعادة الثقة في السوق مع مراقبة مستمرة للبيئة الاقتصادية والمستجدات التنظيمية.
إذا استمرت البيتكوين والعملات الرقمية الكبرى في إظهار مرونتها أمام هذه التحديات، فقد تُشكل هذه التصحيحات فرصة لإعادة تقييم المواقع الاستثمارية والاستعداد للصعود القادم.