مع انتشار العملات الرقمية عالميًا، أصبح التداول والمضاربة اليومية بها مجالًا مثيرًا للاهتمام والجدل، خاصة بين المسلمين الباحثين عن الربح الحلال. ومع ذلك، فإن هذه المضاربات تحمل مخاطر شرعية تتطلب التأمل والتدقيق، خصوصًا في ظل التقلبات الكبيرة والأنشطة المحرمة المرتبطة ببعض العملات الرقمية.
في هذا المقال، نستعرض حكم المضاربة اليومية بالعملات الرقمية، مع الاستشهاد بالقرآن الكريم والسنة النبوية وآراء موثوقة من علماء الدين، بما في ذلك رأي دار الإفتاء المصرية وغيرها من الهيئات الشرعية.
ما هي المضاربة اليومية؟
المضاربة اليومية هي عملية تداول تعتمد على شراء العملات الرقمية وبيعها خلال فترة قصيرة (ساعات أو دقائق) لتحقيق أرباح من تقلبات الأسعار. لكن مثل هذه الممارسات غالبًا ما ترتبط بالمخاطرة الكبيرة والتقلبات العشوائية، مما يثير العديد من التساؤلات الشرعية.
ضوابط الإسلام في المعاملات المالية:-
1- خلو السلعة من المحرمات
لا يجوز للمسلم التعامل مع العملات الرقمية التي تعتمد على أنشطة محرمة مثل القمار، الربا، أو الغش او الانشطة المشبوهة مثل عمليات غسيل الاموال او عملات لها تأثير سياسي غير اخلاقي يساعد علي الفساد.
قال الله تعالى:
"وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا" (البقرة: 275).
وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ"
(سورة المائدة: 2)
2- الابتعاد عن الغرر والمقامرة
الغرر يعني الجهل أو المخاطرة العالية، وهو محرم شرعًا.
قال النبي ﷺ:
"نهى رسول الله عن بيع الغرر" (رواه مسلم).
المضاربة اليومية تعتمد غالبًا على التوقعات العشوائية والتقلبات غير المضمونة، مما يجعلها مشابهة للمقامرة.
3- عدم الغش والخداع
الإسلام يحرم جميع أشكال الغش.
قال النبي ﷺ:
"من غشنا فليس منا" (رواه مسلم).
العملات الرقمية كثيرًا ما تُستخدم في مشاريع مشبوهة، ما يجعل المسلم عرضة للوقوع في الغش والاحتيال ، وحدث هذا اكثر من مرة في هذا المجال لذالك يجب البحث جيدآ قبل الاستثمار
4- مبدأ "لا ضرر ولا ضرار"
الإسلام يمنع أي تعامل يسبب ضررًا للنفس أو الآخرين.
قال النبي ﷺ:
"لا ضرر ولا ضرار" (رواه ابن ماجه).
تقلبات العملات الرقمية تؤدي إلى خسائر مادية ونفسية كبيرة، مما يجعلها تتعارض مع هذا المبدأ.
رأي العلماء في العملات الرقمية:-
اولآ رأي دار الإفتاء المصرية
دار الإفتاء المصرية أصدرت حكمًا بتحريم التعامل بالعملات الرقمية من جميع النواحي بسبب:
1- كثرة الغرر والجهالة في طبيعتها.
2- تقلبات الأسعار غير المضمونة.
3- انتشار الغش والخداع.
4- مخالفتها لمبدأ "لا ضرر ولا ضرار".
ثانيآ رأي المجمع الفقهي الإسلامي
المجمع الفقهي الإسلامي في رابطة العالم الإسلامي أكد أن التعامل بالعملات الرقمية يحتاج إلى دراسة دقيقة بسبب:
شيوع الغرر (الجهالة و المخاطرة).
غياب التملك الحقيقي في كثير من الحالات.
ارتباط بعض العملات بأنشطة محرمة.
(قرارات المجمع الفقهي، الدورة 23).
واكد ان الامر مازال يحتاج المزيد من الدراسة والتدقيق ولم يقم بتحريم جميع العملات او تحليلها ووضح ان الامر يعتمد علي كيفية استخدام هذة العملات وخلوها من المحرمات...ومازال الامر تحت الدراسة
3- رأي هيئة كبار العلماء في السعودية
أوضح الشيخ عبد الله المطلق، عضو هيئة كبار العلماء، أن العملات الرقمية تحمل مخاطر كبيرة بسبب الغرر والتقلبات، وحذر المسلمين من الدخول في هذا المجال دون علم دقيق بالمخاطر الشرعية والمالية.
لذالك يجب ان تكون شخص واعي وتفهم جيدآ ما تفعل او ما سوف يحدث في هذا المجال حتي لا تقع في الشبهات.
مشكلات شرعية في المضاربة اليومية:-
1- دعم الأنشطة المحرمة
بعض العملات الرقمية تُستخدم في تمويل مشاريع محرمة مثل القمار أو الربا او الغش و الاحتيال او تكون مرتبطة بأنشطة تضر بالقضايا الإنسانية
قال الله تعالى:
"وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ" (المائدة: 2).
2- غياب التملك الحقيقي
في المضاربة اليومية، يتم غالبًا التداول عبر عقود الفروقات (CFD)، وهي لا تتضمن تملكًا حقيقيًا للعملة، ما يجعلها غير جائزة شرعًا.
قال النبي ﷺ:
"لا تبع ما ليس عندك" (رواه أبو داود).
3- الوقوع في الحرام دون علم
بسبب سرعة التداول، قد يشتري المسلم عملة محرمة دون التحقق من مشروعيتها.
قال النبي ﷺ:
"دَعْ مَا يُرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يُرِيبُكَ" (رواه الترمذي).
بعض الحلول الممكنه:-
1- الاستثمار طويل الأمد في المشاريع الموثوقة
بدلاً من المضاربة، يمكن للمسلم التركيز على الاستثمار طويل الأمد في العملات التي تقدم خدمات مفيدة وتحقق ضوابط الشريعة.
مثال: العملات التي تدعم مشاريع في التكنولوجيا بلوكشين أو تحسين الخدمات المالية الحلال او الامان.
2- التأكد من مشروعية العملات الرقمية
قراءة الورقة البيضاء (Whitepaper) للمشروع...تكتب اسم العملة علي جوجل وتقوم بعمل بحث عن مصدرها واستخداماتها وهدفها وعليك معرفة معلومات حول الفريق المؤسس لها ، حتي تضمن انها ليس لها علاقة بأي قضايا سابقة
3- التحقق من فريق العمل والشركاء.
4- البحث عن آراء موثوقة من علماء الدين والهيئات الشرعية
الخلاصة: هل المضاربة اليومية جائزة؟
المضاربة اليومية في العملات الرقمية تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية بسبب:
شيوع الغرر والمخاطرة العالية.
صعوبة التحقق من مشروعية العملات.
ارتباط بعض العملات بأنشطة محرمة.
مخالفة مبدأ "لا ضرر ولا ضرار".
المضاربة في حد ذاتها ليست محرمة بل مشروعة في الاسلام واذا توافر بها الضوابط الصحيحة فلا حرج بها ولكن اذا لم تتوفر بها فأنها باطلة ولا تجوز
حكم المضاربة اليومية بالعملات الرقمية في هذة الايام لا يجوز شرعآ حتي تدخل علماء الدين والهيئات الشرعية الموثوقة بسبب:-
انها عملية تهدف إلى تحقيق الربح السريع من خلال التداول السريع دون دراسة كافية لطبيعة العملة أو مشروعها و هذا الأسلوب قد يؤدي إلى الوقوع في مشكلات شرعية، منها:
1- الارتباط بأنشطة مشبوهة أو محرمة مثل غسيل الأموال، المقامرة، الربا، أو الاحتكار.
2- دعم مشاريع مخالفة لتعاليم الإسلام دون قصد، بسبب الجهل بحقيقتها.
3- التعارض مع مبدأ "لا ضرر ولا ضرار"، حيث يتسبب هذا النوع من التداول في خسائر كبيرة أحيانًا.
وتذكر ان المال وسيلة لتحقيق الاستقرار، وليس غاية في حد ذاته. لذلك يجب على المسلم أن يتحرى الحلال ويبتعد عن الشبهات، وأن يكون واعيًا أين يضع أمواله، ليتجنب دعم أنشطة أو مشاريع تخالف تعاليم الدين.
قال النبي ﷺ: "من ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه". فالبحث عن الرزق الحلال هو الطريق الصحيح لتحقيق البركة في المال والعمل. نسأل الله أن يرزقنا الحلال الطيب ويبعدنا عن الحرام والشبهات.
في الختام:-
نسأل الله أن يرزقنا الرزق الحلال الطيب، وأن يجنبنا الحرام والشبهات، وأن يوفقنا للسعي في طاعته في جميع معاملاتنا وأرزاقنا.
إذا وجدت المقالة مفيدة، ندعوك لدعمنا من خلال مشاركتها مع الآخرين، وترك تعليق إيجابي لتشجيعنا على تقديم المزيد من المحتوى الهادف و المفيد وفي المقالة القادم سوف اقوم بعمل سلسلة توضح العملات المحرمة شرعآ والعملات الجائزة