يعتبر حجم التداول أحد المؤشرات الرئيسية في تقييم أداء العملات الرقمية، حيث يعكس النشاط والسيولة في السوق. لكن ماذا يعني انخفاض حجم التداول بشكل كبير، مثلًا من 750 مليون دولار إلى 80 مليون دولار خلال أسبوع، مع بقاء السعر مستقرًا دون هبوط كبير؟ هل هذا مؤشر إيجابي أم سلبي؟ هذا المقال يُقدّم تحليلًا شاملًا لهذا السيناريو، مستندًا إلى آراء خبراء التداول ونظريات من كتب مرجعية.
---
اولا ما هو حجم التداول ولماذا هو مهم؟
حجم التداول (Trading Volume) يُشير إلى إجمالي قيمة العملات المتداولة خلال فترة زمنية محددة. يُعتبر هذا المؤشر أساسيًا لفهم ديناميكية السوق لأنه يعكس درجة نشاط المشترين والبائعين. كما يقول جون ميرفي في كتابه Technical Analysis of the Financial Markets:
> "الحجم هو تأكيد السعر. إذا تحرك السعر دون دعم قوي من حجم التداول، فهذا التحرك قد يكون قصير الأجل وغير مستدام."
بناءً على ذلك، يمكن القول إن أي تغيير جذري في حجم التداول قد يُعطي إشارات مهمة حول حالة السوق.
---
ثانيا ماذا يعني انخفاض حجم التداول؟
انخفاض حجم التداول يمكن أن يكون له دلالات مختلفة، تختلف حسب السياق:
1. استقرار السعر رغم انخفاض الحجم: إشارة إيجابية
عندما ينخفض حجم التداول بشكل كبير مع بقاء السعر مستقرًا، قد يكون ذلك إشارة على:
الثقة طويلة المدى: المستثمرون يفضلون الاحتفاظ بالعملة بدلاً من بيعها. يُمكن ربط هذا بما ذكره ريتشارد وايكوف في نظامه للتداول:
> "الاستقرار السعري بعد انخفاض الحجم غالبًا ما يكون مرحلة تجميع، حيث ينتظر اللاعبون الكبار الفرصة المناسبة للتحرك."
نقص المضاربة: هذا السيناريو قد يعكس انسحاب المتداولين اليوميين والمضاربين، مما يقلل من التقلبات.
2. انخفاض الاهتمام: إشارة سلبية
على الجانب الآخر، قد يُشير انخفاض حجم التداول إلى:
تراجع الاهتمام بالسوق: انخفاض النشاط قد يعني أن العملة فقدت جاذبيتها للمستثمرين، خاصة إذا كانت تعتمد على الأخبار أو الأحداث لدعم نموها.
السيولة الضعيفة: كما أوضح ألكسندر إلدر في كتابه Trading for a Living:
> "قلة السيولة تؤدي إلى صعوبة التنفيذ الجيد للصفقات، مما يخلق ضغطًا على السوق."
---
ثالثا ما علاقة انخفاض الحجم بالحركات الكبيرة القادمة؟
من المعروف أن انخفاض حجم التداول قد يسبق حركات كبيرة في السعر. هذا النمط شائع في الأسواق المالية ويُعرف بـ"الهدوء قبل العاصفة". وفقًا لتحليل جون بولينجر، مبتكر مؤشر بولينجر باندز:
> "تقلّبات السوق الضعيفة غالبًا ما تُعتبر مؤشّرًا أوليًا على تحرك قادم، حيث تميل الأسواق إلى الانتقال من حالات الركود إلى النشاط المفاجئ."
في هذه الحالة، يجب مراقبة عوامل أخرى مثل الأخبار المحيطة بالعملة وأنماط السوق العامة لتوقع الاتجاه القادم.
---
رابعا كيفية التعامل مع انخفاض حجم التداول؟
كمتداول، يمكنك التعامل مع هذا النوع من السيناريوهات باستخدام الاستراتيجيات التالية:
1. المراقبة الحذرة:
لا تتسرع في اتخاذ قرارات بناءً على حجم التداول فقط. اجمع بين هذا المؤشر وحركة السعر والمؤشرات الأخرى مثل خطوط الدعم والمقاومة.
2. التحليل الإخباري:
ابحث عن أخبار أو تحديثات مرتبطة بالعملة. انخفاض الحجم قد يكون نتيجة أحداث محددة مثل انتهاء فترة تضخم الطلب أو انتظار إصدار منتج جديد.
3. التداول بعيد الأجل:
إذا كنت مستثمرًا طويل المدى، قد يكون هذا الوقت مناسبًا لتجميع العملة. كما يقول وارن بافت:
> "أفضل وقت للشراء هو عندما يكون الجميع خائفين."
4. استخدام مؤشرات فنية:
استخدم أدوات مثل مؤشر القوة النسبية (RSI) أو مؤشر المتوسط المتحرك لتأكيد التوقعات.
---
أمثلة ، تاريخيه
البيتكوين في 2018:
خلال فترة من الركود، انخفض حجم التداول بشكل كبير مع استقرار السعر لفترة طويلة قبل أن يشهد السوق ارتفاعًا مفاجئًا في 2019.
الإيثريوم في 2021:
شهد حجم التداول انخفاضًا لفترة مع ثبات السعر قبل إطلاق تحديث "إيثر 2.0"، مما أدى إلى زيادة كبيرة في الطلب.
، عليه نستخلص مما سبق أن انخفاض حجم التداول ليس جيدًا أو سيئًا بحد ذاته. لفهم تأثيره، يجب ربطه بعوامل أخرى مثل حركة السعر، السياق العام للسوق، والأخبار المرتبطة بالعملة. يُمكن لهذا السيناريو أن يُشير إلى استقرار أو مرحلة تحضير لاختراق كبير، ولكنه قد يكون أيضًا علامة على تراجع الاهتمام وضعف السيولة.
التداول الذكي يتطلب تقييمًا شاملًا، ويُبنى على مراقبة التفاصيل وفهمها، وليس فقط على ردود فعل عاطفية. كما قال مارك دوجلاس في كتابه Trading in the Zone:
> "الثقة في التداول لا تأتي من التأكيدات الخارجية، بل من فهمك العميق للسوق وكيفية عمله."