كيف ينقلب المتداول الى شيخ ويفتي في مواضيعه لوحده ؟

محاضرة حول جواز التداول في العقود المستقبلية للعملات الرقمية

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
إخواني وأخواتي الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
يسعدني أن ألتقي بكم اليوم لنتحدث عن موضوع شائك ومثير للاهتمام، ألا وهو "جواز التداول في العقود المستقبلية للعملات الرقمية".

1. تعريف العقود المستقبلية للعملات الرقمية:
العقود المستقبلية هي اتفاق بين طرفين لشراء أو بيع أصل معين بسعر محدد في وقت معين في المستقبل. في سياق العملات الرقمية، يشمل هذا الأصل عملات مثل البيتكوين أو الإيثريوم، وتتم العمليات على منصات التداول الموثوقة.

2. القاعدة الفقهية العامة في المعاملات المالية:
في الإسلام، الأصل في المعاملات المالية هو الإباحة، ما لم يثبت بالدليل القطعي وجود محظور شرعي. قال الله تعالى:
"وأحل الله البيع وحرم الربا" [البقرة: 275].
وبالتالي، فإن أي معاملة مالية، بما فيها التداول الفيوتشر، تحتاج إلى دراسة وفق الشروط الشرعية.

3. الشروط الشرعية لجواز التداول:
لإثبات أن التداول في العقود المستقبلية مباح، يجب أن نتأكد من خلوه من المحظورات الشرعية التالية:
- الربا: الربا محرم في الإسلام. إذا كانت العقود المستقبلية لا تشمل فائدة ربوية، فهي مباحة. يجب التأكد من أن التعامل يتم على أساس البيع والشراء بدون فوائد.
- الغرر والمخاطرة غير المحسوبة: الإسلام يحرم الغرر، وهو الجهالة المفرطة في المعاملات. التداول في العقود المستقبلية إذا كان يتم وفق شروط واضحة، دون خداع أو غموض، فإنه جائز.
- عدم تداول ما هو محرم شرعًا: يجب أن يكون الأصل المتداول (مثل العملات الرقمية) مشروعًا في ذاته. العملات الرقمية ليست من المحرمات إذا لم تستخدم في أنشطة محرمة.

4. الاجتهادات الشرعية المعاصرة:
كثير من العلماء أقروا بجواز التداول في العملات الرقمية إذا تحقق الآتي:
- المنصة تتسم بالشفافية وتخضع للرقابة.
- لا يتضمن التداول أي فوائد ربوية.
- الغاية من التداول هي الاستثمار المشروع وليس المقامرة.

قال الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي:
"الأموال الرقمية تعد من أنواع الأصول الحديثة، ويجوز التعامل بها ما دامت تحقق العدالة وتخلو من الربا والغرر."

5. الرد على الشبهات:
- شبهة المقامرة: يعتقد البعض أن التداول في العقود المستقبلية مقامرة، لكن الحقيقة أن التداول يعتمد على التحليل والدراسة وليس الحظ. وبالتالي فهو ليس مقامرة إذا تم بإدارة مالية صحيحة.
- شبهة الغرر: الغرر موجود فقط إذا كانت الشروط غير واضحة أو كانت هناك جهالة مفرطة، وهذا يمكن تجنبه من خلال استخدام منصات موثوقة وقراءة شروط العقود بتمعن.

الخاتمة:
إخواني وأخواتي، التداول في العقود المستقبلية للعملات الرقمية يمكن أن يكون مباحًا إذا التزم بشروط الشريعة الإسلامية وابتعد عن المحرمات.
ندعوكم إلى البحث والاستشارة قبل البدء في أي نشاط مالي لضمان موافقته للشرع.

أسأل الله أن يرزقنا وإياكم الحلال الطيب، وأن يوفقنا في أعمالنا، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

المحاضر:
المتداول اليمني - فايز الربادي