“وقت الركود في الصناعة”
مؤخرًا، عاد السوق إلى الهدوء تدريجيًا، وأصبح العديد من العاملين في المجال غير قادرين على رؤية الاتجاه بوضوح، أو أنهم مضطرون فقط لـ”مجاراة الزمن”. في الواقع، هذه ليست المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك.
عند النظر إلى الوراء، منذ دخولي هذا المجال في عام 2016، يبدو أنني قد مررت بأربع فترات ركود كبيرة. وعلى الرغم من أنني كنت أواسي نفسي دائمًا بأن كل هذا سيمر، وأن الدورة الصاعدة ستعود، وأن السيولة ستعود أيضًا، إلا أنه عندما يكون المرء داخل هذه الفترات الراكدة، فإنه لا يسعه إلا أن يشعر ببعض الإحباط أو العجز.
شتاء 2015
كانت أول مرة أواجه فيها هذا الركود عندما دخلت المجال لأول مرة. حينها، كان القطاع قد خرج لتوه من “شتاء 2015” ودخل في فترة التعافي خلال عام 2016. في تلك الفترة، توقفت كل من OKCoin و Huobi في منطقة تشونغقوانتسون عن تسريح الموظفين، وبدأ السوق في التعافي ببطء، وأخيرًا، بدأت البورصات تحقق دخلًا إيجابيًا.
نظرًا لأنني كنت حديث العهد في المجال، فقد استمرت مشاعر الحماس والدهشة لدي لمدة عامين، مما يعني أنه بغض النظر عن أي أزمات أو أحداث غير متوقعة، كنت دائمًا متفائلًا بشأن الصناعة.
أصبح العديد من الموظفين في البورصات في ذلك الوقت اليوم من كبار الشخصيات في المجال. نادرًا ما يتحدثون عن وظائفهم السابقة، حيث كانوا يعيشون في شقق مشتركة متواضعة بإيجارات منخفضة. أما الآن، فهم يعرّفون أنفسهم كمؤسسين لشركات أو شركاء إداريين في صناديق استثمارية، بل إن ملفاتهم الشخصية على LinkedIn تغيرت من عدم ذكر أي خلفية تعليمية إلى إدراج شهادات MBA من جامعات مرموقة مثل جامعة طوكيو الوطنية أو الجامعات الأمريكية المرموقة.
في ذلك الوقت، كان المجال أكثر متعة، حيث كانت الخلفيات الأكاديمية والمهنية للأفراد متباينة بشكل كبير. كل شهر تقريبًا، كانت تُقام فعاليات وعروض تقديمية حول البلوكشين في شارع ريادة الأعمال. كان مقدمو العروض إما تجارًا حققوا ثروات هائلة من شراء العملات الرقمية، أو أشخاصًا بخلفيات تعليمية متواضعة أصبحوا مديري عمليات في البورصات. كان هذا العصر مليئًا بالحكايات المثيرة، وكانت الفعاليات ممتعة ولكنها غريبة في الوقت نفسه.
في ذلك الوقت، لم تكن هناك ميمات رقمية (Memes)، ولكن كانت هناك مشاريع مشبوهة ومخططات استثمارية غير مستدامة جعلت الصناعة تبدو وكأنها مليئة بالفرص الذهبية. في تلك الفترة، كانت منصات مثل Jubi وYuanbao وBit Era تحقق أرباحًا مذهلة، على الرغم من ضعف السيولة. كان يمكن أن يتسبب شراء عملة بديلة بمبلغ 100,000 يوان صيني في انزلاق سعري بنسبة 5%، ولكن على الأقل، كان يمكن الإيداع عبر WeChat بسهولة.
أول مشروع ساعدت في إطلاقه كان عملة رقمية تستند إلى شخصية مشهورة في المجال. كنت مسؤولًا عن تعديل الورقة البيضاء والتنسيق مع البورصات. ولكن، كما هو متوقع، لم يكن للعملة أي مستقبل بعد الإدراج، فقد جنى المستثمرون والمشاهير بعض الأرباح ثم اختفوا. عاد المستثمرون إلى مجالهم الأصلي في الإعلام، واستمروا في صناعة نجوهم الرقميين، بينما انتهى الأمر بالمؤثر الرقمي إلى تولي منصب نائب رئيس في OKCoin لمدة عام قبل أن يختفي من المجال تمامًا.
رغم كل شيء، كان ذلك الشتاء مثيرًا للاهتمام لأن الحدود بين التمويل التقليدي والعملات الرقمية كانت لا تزال غير واضحة، ولم تكن هناك أي قيود قانونية أو مالية تمنع المشاريع الغريبة من الظهور يوميًا.
نهاية طفرة الـ ICO
جاءت فترة الركود الثانية بين النصف الثاني من 2018 وعام 2019. العديد من الأشخاص الذين تعرفت عليهم في تلك الفترة دخلوا السوق بعد موجة ICO الضخمة، حيث وصل السوق إلى مستويات غير واقعية من الفقاعة والشراء المفرط. ومع انهيار هذه الفقاعة، دخل السوق في مرحلة طويلة من الجمود.
في تلك الفترة، كانت هناك موجة أخرى من الأزمات في قطاع رأس المال الاستثماري (VC)، حيث واجهت العديد من الشركات الناشئة التي حصلت على تمويل في 2016 و2017 صعوبة في إكمال جولات التمويل التالية. لذلك، لجأ بعض المستثمرين إلى العملات الرقمية لتحقيق أرباح سريعة، مما أنقذ بعض صناديق رأس المال الاستثماري من الانهيار.
بحلول نهاية تلك الفقاعة، لم يتبقَ سوى عدد قليل من الشركات في المجال. اكتشف العديد من المشاريع أنه بعد بيع التوكنات، لم يكن هناك أي مصدر دخل مستدام، وانسحب المستثمرون بعد تحقيق الأرباح، مما دفع العديد منهم إلى إنشاء بورصات رقمية خاصة بهم. في ذلك الوقت، كانت صناعة البورصات مزدحمة للغاية لدرجة أن أي مؤتمر متعلق بالعملات الرقمية كان يشهد حضور ممثلي البورصات بأعداد تفوق عدد المشاريع الإعلامية والمطورين مجتمعين.
بسبب هذا التشبع، بدأت البورصات تتنافس بشدة فيما بينها من خلال إطلاق منتجات وخدمات جديدة. كان هذا هو العام الذي انفجرت فيه شعبية تداول العقود الآجلة، وأصبح الجميع تقريبًا يمتلك صفقات مفتوحة على البيتكوين، مما أدى إلى ظهور عدد لا يُحصى من “المحللين” وخدمات التوصيات الاستثمارية.
انهيار النظام المبني على “الليغو”
أما فترة الركود الثالثة، فقد كانت خلال النصف الثاني من 2022 وعام 2023. في تلك الفترة، كانت الأخبار السلبية تتوالى باستمرار، حيث شهد السوق انهيار LUNA، وإفلاس FTX، وتصفيات ضخمة لـ ETH. في ذلك الوقت، كنت منشغلًا بإطلاق شركتي الناشئة الثانية، لذلك لم أشعر بصدمة كبيرة. كنت قد بعت معظم ممتلكاتي من البيتكوين عند 60,000 دولار، وأغلقت جولة تمويلية جديدة بمشاركة عدة صناديق استثمارية.
ولكن عندما حاولت تحصيل الأموال من المستثمرين، تلقيت ردودًا مخيبة للآمال: البعض كان أمواله مجمدة في FTX، البعض الآخر فقد وظائفه، وآخرون لم يحصلوا على موافقات مالية بسبب الأزمة. بعد شهرين من المحاولات الفاشلة، اضطررت إلى البحث عن حلول بديلة، مثل تطوير ألعاب صغيرة أو تقديم خدمات استشارية، لكن السوق لم يكن متعاونًا، وبالنهاية، تفكك الفريق بسبب نقص التمويل.
بعد فترة من التفكير، أدركت أنني كنت أُجهد نفسي في الوقت الخطأ، وأنه ربما كان من الأفضل لو انتظرت بهدوء حتى تعود السوق إلى الانتعاش. ولكن، كما هو الحال دائمًا، كان التعلم من الأخطاء جزءًا من الرحلة
ركود السيولة في السوق الحالية
نحن الآن في فترة الركود الرابعة، حيث يعاني معظم الناس من الملل والانتظار، إلا إذا كانوا يلعبون على موجة الميم كوينز (Meme Coins) وحققوا أرباحًا من رموز مثل “فرس النهر” و”القطة المحظوظة”.
لكنني تعلمت الكثير هذه المرة، فأنا لم أعد أقود شركة ناشئة، بل انتقلت إلى اليابان حيث أقيم الآن في ضواحي طوكيو. هنا، يمكنني التواصل مع العاملين في المجال من مختلف الدول، مما يساعدني على البقاء على اطلاع دائم رغم جمود السوق.
أعلم أن السوق ليس في أفضل حالاته، ولكن هذا هو الوقت المناسب للتعلم والتطوير الذاتي. ربما يومًا ما، عندما تجلس أمام الكمبيوتر بدون توقعات، ستجد أن السوق الصاعدة قد بدأت بهدوء. لذلك، استغل هذا الوقت لتعلم لغات جديدة، واكتساب مهارات جديدة، وبناء علاقات جديدة، لأنها قد تكون المفتاح للفرص القادمة.
#IndustryEvents
‎مقالة من محلل السوق @FORAB