بدايةً من إطلاق عملات ميم فشلت بشكلٍ كارثيّ إلى التحول المؤلم في موقف السلفادور، لم يكن عام 2024 مليئاً بشموع التداول الخضراء والارتفاعات السعرية وحسب.
عملات بيتكوين مندفعة في الهواء وحولها الكثير من الفوضى
رغم أن 2024 بدا عاماً مذهلاً للعملات الرقمية، وتحدّثنا -بالفعل- عن مدى روعته في إحدى مقالاتنا. ولكنْ حين يتعلق الأمر بسوق الكريبتو، فلا مفرَّ من انتشار الفضائح وعمليات الاحتيال خلال دوراته الصاعدة. لذا، سنصحبكم في جولةٍ سريعةٍ نستعرض فيها الأحداث الأكثر سوءاً التي تعرَّضت لها الأصول الرقمية هذا العام.
مخطط بياني لاحتياطي بيتكوين في السلفادور
احتياطيات السلفادور من بيتكوين
1. السلفادور تتراجع عن تبنيها لبيتكوين كعملة قانونية
أكّد الارتفاع الهائل في سعر بيتكوين (Bitcoin-BTC) صحّة قرار الرئيس نايب بوكيلي (Nayib Bukele)، والذي أثارَ ضجّةً على الساحة الدولية بإعلانه أن السلفادور ستتبنى بيتكوين كعملةٍ قانونية، ورغم شراء البلاد لعملة بيتكوين وتجميعها عملةً واحدةً يومياً -وجمعِها لأكثر من 300 مليون دولار من الأرباح غير المحققة خلال هذه العمليات- ظلت الحقيقة الأكثرَ وضوحاً هي أن اقتصاد البلاد في حالةٍ يُرثى لها. ومع تأخر نمو اقتصادها مقارنة بسواها من الدول الأخرى في أمريكا الوسطى وانتشار الفقر المدقع، حيث يعيش بعض المواطنين بأقل من 200$ في الشهر، بالكاد تمكنت عوائد بيتكوين التي حصل عليها بوكيلي من تغطية احتياجات البلاد.
وانتهى الأمر بأحد أكثر الأحداث أهمية في عام 2024، إذ كشفت صحيفة فايننشال تايمز (FT) أنّ السلفادور ستتراجع عن موقفها بشأن تبني بيتكوين كعملةٍ قانونية لقاء حصولها على قروض ضرورية من صندوق النقد الدولي، ما يُعد انتكاسة كبيرةً لمستثمري بيتكوين ممّن حلموا يوماً بأن تصبح هذه الدولة الصغيرة مثالاً يُحتذى به من الدول التي تدرس التخلي عن العملات النقدية والتحوّل إلى العملات الرقمية.
مع ذلك، ربّما مضى الوضع نحو الأسوأ، خاصة مع استخدام القليل من المستهلكين في السلفادور لعملة بيتكوين كوسيلةٍ للدفع؛ إذ لم تُرحّب العديد من الشركات بذلك، فيما ظلت سياسات بوكيلي الأخرى الداعمة للعملات الرقمية قائمة حتى الآن.
2. فشل تعويضات منصة FTX
بدا التعافي الذي شهده القطاع عقب انهيار منصة FTX بمثابة معجزة؛ فبعد أن تمت سرقة مليارات الدولارات من أموال العملاء وفشلهم في الوصول إلى حساباتهم، وقد تمكّن فريق الإفلاس من استرداد مبالغ ضخمة، مع تقديم المُدّعين العامين المُديرين التنفيذيين للمنصة إلى العدالة.
ورغم ذلك، تركت خطة السداد -التي من المقرر أن تبدأ في العام الجديد- غصّةً في حلوق العديد من الدائنين؛ فبرغم أنهم سيتلقون في النهاية 119% من أرصدة حساباتهم وهو أكثرُ ممّا خسروه، إلا أنه يبدو أمراً غير واقعي في حالات الإفلاس بهذا الحجم. من جانب آخر، ستقدم هذه المدفوعات بالدولار الأمريكي، بناءً على قيمة بيتكوين في تشرين الثاني/نوفمبر 2022؛ أي أنهم لن يستفيدوا من دورة السوق الصاعدة بأيّ شكلٍ من الأشكال.
وقد ازداد الأمر سوءاً عندما انتهى الحال ببعض الضحايا ليبيعوا ممتلكاتهم في الأسواق الخاصة مقابل سنتاتٍ على الدولار، ما يعني ضياع فرصة تعويضهم ما خسروه (بسعر العملات مقابل الدولار على الأقل).
مخطط بياني لسعر أصل مالي فيه عدة خطوطٍ ملوّنةٍ وأرقام ومستويات سعر
احتياطي الحكومة الألمانية من عملات بيتكوين – مصدر الصورة: Arkham Intelligence
3. عمليات بيع حكومية مكثفة
في وقتٍ سابق من هذا العام، شهدت أسواق بيتكوين تقلباتٍ عنيفة إثرَ قيام ألمانيا ببيع كمياتٍ هائلةٍ من عملات BTC التي تمت مُصادرتها من المحتالين ما نتج عنه ضغط بيع شديد، فقد عقدت مزاداً لبيع ما يقرب من 50,000 عملة BTC تمت مصادرتها من موقع القرصنة Movie2k.to، لتحصل الحكومة الألمانية في المقابل على حوالي 2.8 مليار دولار.
وبالتالي، فإن ذلك يوازي متوسطاً سعرياً قدرُه 53,000$ لكلّ عملة، فيما كان بمقدورها أن تُضاعف أموالها بأكثرَ من ضعفين لو أنها احتفظت بعملاتها لبضعة أشهر، وهو ما دفع وزير المالية السابق كريستيان ليندنر (Christian Lindner) إلى تحذير المشرّعين من أن القوة الاقتصادية لأوروبا تفوّت على نفسها الفرص التي يمكن أن توفرها بيتكوين.
كذلك، ظهرت مخاوفُ من أن تسير الولايات المتحدة على خطى ألمانيا وتُجري مزاداتٍ لبيع ممتلكاتها من بيتكوين، وهي الممتلكات التي جمعتها على مدى أكثر من 10 سنوات، فيما تبدّدت هذه المخاوف الآن بعودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، بعد أن تعهد بإنشاء احتياطي إستراتيجيّ بعملات بيتكوين البالغة 200,000 عملةٍ تمّت مُصادرتها من المحتالين.
4. اختراق مُدمّر
أصيب مستثمرو الكريبتو في الهند بحالةٍ من الذعر بعد أن تمَّ اختراق المنصة المحلية WazirX وسرقة 230 مليون دولار في تموز/يوليو، ليتمَّ إلقاء القبض على رجلٍ بنغاليّ متورطٍ في هذه العملية بعد أن ربطت شركة التحليلات Elliptic الحادث -في البداية- بمجموعةٍ من محتالي كوريا الشمالية.
ورغم الضربة القاسية التي تعرّض لها قطاع الكريبتو في البلاد وتَزعزُع الثقة به من جراء هذا الاختراق، أعلنت الشركة الأم لمنصة WazirX أنها ستقوم بتعويض العملاء المتضرّرين، ولكن كحال تعويضات منصة FTX فإنها ستكون بالدول
5. كارثة مشروع عملة Hawk Tuah
أصبحت هالي ويلش (Haliey Welch) حديث الساعة بعد أن نطقت بعبارتها المثيرة “Hawk Tuah” في مقابلةٍ بعد حفلةٍ في ولاية تينيسي، وفي خضم ارتفاعات عملات الميم خلال عام 2024، بدا أنّها ستقوم -بلا شك- بإطلاق مشروع عملتها الخاصة وسط توقعات فشله الذريع في النهاية.
ورغم ارتفاع القيمة السوقية لعملة Hawk Tuah (HAWK) إلى 490 مليون دولار عقب إطلاقها، انهارت بنسبة 91% خلال ساعات. وفي محاولةٍ من ويلش وفريقها لتخفيف حدة هذا الانهيار، قامت ببث إذاعيّ في Spaces على منصة X، الذي تمّ حذفه بعد تدخل غاضب من المُحقق الشهير على اليوتيوب المعروف باسم Coffeezilla، ليتوقف البث فجأةً عندما قالت ويلش أنها ستذهب للنوم في 4 كانون الأول/ديسمبر، ليتبع هذا فترةٌ من الصمت الإعلامي استمرّت لأسابيع.
– ادعاءات كريج رايت التي لا تنتهي
ادعى كريج رايت (Craig Wright) لسنواتٍ عدة أنه ساتوشي ناكاموتو (Satoshi Nakamoto)، وقام بمقاضاة أي شخص يجرؤ على التشكيك في ذلك، إلى أن حسم قاضٍ في لندن الأمر بإصداره حكماً رسمياً بأن رايت ليس الشخص الذي اخترع بيتكوين. كما زعمت مجموعةٌ تُعرف باسم تحالف براءات الاختراع المفتوح للعملات الرقمية -واختصارها ((COPA- أنّ تصرفات رائد الأعمال الأسترالي أعاقت نمو بيتكوين، حيث قال جوناثان هوغ (Jonathan Hough) -محامي هذه المجموعة- خلال محاكمةٍ استمرّت خمسة أسابيع: “استناداً إلى ادعائه الكاذب بأنه ساتوشي، حاول الحصول على تعويضاتٍ تقدر قيمتها بمئات المليارات من الدولارات ومنها دعاوى ضد أفراد”.
وفي تموز/يوليو، صدرَ بيان مقتضبٌ على موقع رايت الإلكتروني يقول إن المحكمة قضت بأن “ادعاءاته كاذبة”. ولم ينته الأمر عند هذا الحد، بل قام رايت فيما بعد بمقاضاة COPA ومطالبتها بتعويض ضخم قدره 911 مليار جنيه إسترليني (أي ما يعادل 1.14 تريليون دولار)، ما ترتّب عليه اتهامه بازدراء المحكمة في لندن، وأمرَه بحضور جلسة الازدراء هذه، إلا أن رايت رفض الحضور -ويُعتقد أنه كان في آسيا- رغم تلقيه عروضاً لتغطية تكاليف سفره.
7. الرجل الذي فقد عملات بيتكوين تخصه في مكب نفايات لا يزال يصارع
تخيلوا أنكم قمتم بتعدين 8,000 عملة BTC في عام 2013، عندما كانت قيمتها أقلَّ من 100$، ثم قمتم بإلقاء القرص الصلب في مكب النفايات، هذا بالضبط ما حدث لجيمس هاولز (James Howells) الذي لم يتخلَّ يوماً عن كفاحه للحصول على إذنٍ للبحث في مكب نفاياتٍ في ويلز.
وبعد رفض متكرر من السلطات المحلية في نيو بورت (رغم عرضه تقاسم الأموال إذا تم العثور على القرص وعمله بشكلٍ جيد)، قرّر هاولز رفع دعوى قضائية، حيث جادل ممثلوه في المحكمة بأن لديهم “خطة دقيقة” لتعقب القرص، بمساعدة خبراء استخراج.
مع ذلك، رد الفريق القانوني الذي يمثل مجلس نيو بورت بأنه حتى وإن حصل هاولز على إذن بالبحث، فإنّ القرص الصلب لم يَعد ملكه. وعليه، فمن المتوقع أن تتصدّر هذه القضايا عناوين الأخبار خلال العام المقبل وما يليه من أعوام.