عندما سئل عثمان بن عفان رضي الله عنه حول فقه التجارة وجمع المال، وهو كغيره من الصحابة الذين خرجوا من مكة إلى المدينة بلا مال، أجاب:

١- كنت أعالج.

٢- وأنمّي.

٣- ولا أزدري ربحاً.

٤- ولا أشتري شيخاً.

٥- وأجعل الرأس رأسين.

وهذه النصائح هي ذاتها التي نسمعها من رجال الأعمال في هذه الأيام، ولو أردنا ترجمة هذه النصائح بمصطلحات معاصرة، ستصبح بلغة الون ماسك كالآتي:

١- (كنت أعالج)، أي كنت أهتم بأعمالي وأباشرها بنفسي (وهذا ما قاله إلون ماسك عندما سأله المذيع في أحد اللقاءات حول أين سيقضي ليلته فأجابه: في المصنع لكي يشرف على سير العمل بنفسه).

٢- (وأنمّي)، أي تنمية المال والاستثمار فيه وعدم كنزه (وهو ما قاله الون ماسك في أزمة التضخم الحالية: من الأفضل عموماً تنمية المال بدلاً من ادخاره من خلال الاستثمار في الأسهم أو العقارات).

٣- (ولا أزدري ربحاً)، أي لا أرفض ربحاً يسيراً، وهذا بالمفاهيم الاقتصادية المعاصرة يعني المحافظة على دورة التدفق النقدي حتى وإن كانت الأرباح ضئيلة.

٤- (ولا أشتري شيخاً)، أي لا يتاجر بمواد أو سلع انتهت صلاحية استخدامها وصارت قديمة (الون ماسك ليس فقط لا يتاجر بمنتجات تقادمت وحسب، بل وصل إلى مرحلة قيادة التغيير في سلوكيات المستهلكين، فهو لا يتعامل مع خدمات أو منتجات تقليدية صارت من الماضي لأنه يركز على منتجات وخدمات المستقبل).

٥- (وأجعل الرأس رأسين)، أي تنويع المصادر وعدم الاعتماد على مصدر وحيد في التجارة (سنجد أن الون ماسك يعمل ضمن ثلاثة مصادر رئيسة وهي تيسلا و سبيس اكس والعملات المشفرة، وهذا تنوع كبير وفيه مجازفة كبيرة إذا ما أضفنا إليه شرائه تويتر).

ربما لا نجد اختلافاً كبيراً بين أصول ومفاهيم التجارة قديماً وذات المفاهيم حديثاً، لأن الاختلاف هو فقط في طبيعة العصر مضافاً إليه آخر التطورات والتحديثات؛ وسواء كنت تتفق مع مفاهيم الرجلين أو تختلف معهما، تبقى حقيقة ثابتة وهي أن كليهما له باع لا يستهان به في عالم التجارة والأعمال.