17 ديسمبر 2024

تتجه الأنظار إلى قرارات السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي الأمريكي والتي تشمل قرار الفائدة، وبيان الفائدة، والمؤتمر الصحفي لمحافظ البنك جيروم باول، إضافة إلى التوقعات الاقتصادية الفصلية، ومن المتوقع أن يكون لهذه القرارات تأثير عميق على الدولار والعملات، فضلاً عن تأثيرها على أسعار السلع والأسهم الأمريكية والعملات الرقمية.

ومع اقتراب موعد الإعلان عن قرارات الفيدرالي الأمريكي، تظل الأسواق المالية في حالة ترقب شديد لأي إشارات توضح مسار السياسة النقدية في المستقبل، وفيما يلي نظرة على ملابسات اتخاذ القرار داخل البنك:أولا: الوضع الاقتصادي الأمريكي وتأثيره على قرارات الفيدرالي

شهد الاقتصاد الأمريكي خلال الأشهر الأخيرة صدور بيانات اقتصادية محورية، أبرزها بيانات التضخم التي أصدرها مكتب إحصاءات العمل الأمريكي، حيث أظهرت البيانات أن مؤشر أسعار المستهلك ارتفع على أساس سنوي بنسبة 2.7% خلال شهر نوفمبر، متطابقًا مع توقعات الأسواق، لكنه سجل زيادة طفيفة مقارنة بالشهر الماضي. أما التضخم الأساسي، الذي يستثني أسعار الغذاء والطاقة، فقد استقر عند 3.3%، وهو نفس المعدل الذي سجل في الشهر السابق.

وأيضا، قدم سوق العمل الأمريكي صورة متباينة خلال الفترة ذاتها، حيث أضاف الاقتصاد 227 ألف وظيفة جديدة في نوفمبر، متجاوزًا توقعات المحللين التي أشارت إلى 200 ألف وظيفة. إلا أن معدل البطالة ارتفع إلى 4.2%، وهو ما توافق أيضًا مع التوقعات.

وفيما يخص الإنفاق الاستهلاكي، سجل مؤشر الإنفاق الاستهلاكي الشخصي نموًا بنسبة 0.3% على أساس شهري و2.7% سنويًا خلال سبتمبر، مما يشير إلى قوة الإنفاق الاستهلاكي الأمريكي.

وتعكس هذه المؤشرات الاقتصادية مزيجًا من التضخم المرتفع وتحسن سوق العمل، مما يدفع الفيدرالي الأمريكي إلى تبني نهج أكثر حذرًا في قراراته بشأن أسعار الفائدة، مع احتمالية التلميح بتوقف مؤقت عن خفض الفائدة حتى صدور بيانات إضافية في العام المقبل.ثانيا: توقعات البنوك الكبرى حول قرارات الفيدرالي الأمريكي

تتوقع البنوك الكبرى، مثل جولدمان ساكس ومورجان ستانلي، أن يتجه الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس خلال الاجتماع المقبل، حيث رأى خبراء جولدمان ساكس أن البنك المركزي قد يشير إلى تباطؤ وتيرة خفض الفائدة في عام 2025، مستبعدًا أي تخفيض إضافي في يناير المقبل بسبب استمرار قوة سوق العمل وثبات معدلات التضخم.

من ناحية أخرى، أفادت تحليلات مورجان ستانلي أن التقرير الأخير لمعدل التضخم يدعم خفض الفائدة، ولكن السياسة المستقبلية ستعتمد بشكل كبير على مسار البيانات الاقتصادية المقبلة. وأشار التقرير إلى أن الفيدرالي قد يصبح أكثر حذرًا في توجيهاته المستقبلية بعد اجتماع ديسمبر.ثالثا: تصريحات صناع السياسة النقدية داخل الفيدرالي الأمريكي وتوجهاتهم

اتسمت تصريحات مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في الفترة الأخيرة بالحذر والتدرج، حيث أكد جيروم باول، محافظ الاحتياطي الفيدرالي، خلال قمة "ديلبوك" التي نظمتها صحيفة نيويورك تايمز، أن الاقتصاد الأمريكي يتمتع بمرونة كبيرة، مشيرًا إلى ثقته في قدرة الفيدرالي على تحقيق التوازن بين دعم النمو والسيطرة على التضخم.

بدورها، أوضحت عضو الاحتياطي الفيدرالي أدريانا كوجلر أن البنك سيواصل اتخاذ قراراته بناءً على البيانات الاقتصادية دون مسار محدد مسبقًا. كما شدد عضو الاحتياطي أوستان جولسبي على أن بيانات التضخم تظهر تقلبات تجعل التنبؤ بها أمرًا صعبًا، لكنه أعرب عن ثقته بأن العام المقبل سيشهد تراجعًا ملحوظًا في الأسعار.

من جانبها، أشارت ماري دالي، رئيسة الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو، إلى أن هناك حاجة لمزيد من العمل لتحقيق مستهدف التضخم البالغ 2%، ما يعني التمهل في دورة خفض الفائدة.رابعا: السيناريوهات المتوقعة لقرارات الفيدرالي الأمريكي:

السيناريو الأول، يتمثل في خفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس مع الإشارة إلى مخاوف بشأن عودة التضخم للارتفاع واستمرار قوة سوق العمل وهذا قد يدفع البنك للتوقف عن رفع الفائدة، وهذا السيناريو قد يدعم الدولار الأمريكي ويؤدي إلى انخفاض أسعار الذهب والأسهم الأمريكية والعملات الرقمية.

أما السيناريو الثاني، فيتضمن خفض الفائدة مع التلميح باستمرار خفض الفائدة تدريجيا في العام المقبل، خصوصًا إذا تراجعت الضغوط التضخمية بشكل أكبر. في هذه الحالة، قد يتراجع الدولار الأمريكي بينما ترتفع أسعار الذهب والأسهم والعملات الرقمية، بما في ذلك البيتكوين